يقول الشيخ الألباني –رحمه الله تعالى- في كيفية صعوبة بحثه عن الحديث في المسانيد سابقًا:
"امتنّ
الله على طلاب العلم بكتب تعتبر من المقرّب للبعيد جدًا، والمسهِّل للعسير، وهي
الكتب الفهارس من مختلف الأنواع والأشكال.
فأنا
مثلاً مررت بدور لم تكن هذه الفهارس موجودة، فآنفًا كنت أفتش عن حديث في مسند
الإمام أحمد. مسند الإمام أحمد ست مجلدات، فيه نحو أربعين ألف حديث، وهو غير مرتب
على الأبواب الفقهية، وإنما أحاديثه مرتبة على أسماء رواتها من الصحابة، وأحفظهم
بإجماع العلماء أبو هريرة. أبو هريرة له من هذه المجلدات نصف المجلد الثاني، كلّه
مسند أبي هريرة، وبدون أي ترتيب مطلقًا، فكنت إذا وجدتُ حديثًا في مثلاً "الجامع
الصغير" أو غيره معزوًا للإمام أحمد عن أبي هريرة، فكنت أضطرّ أن أقرأ نحو
ثلاثمائة صفحة، بطباعة أحاديثها متشابكة متداخلة، وليست كما تراها اليوم هكذا
بالتفريق بين السطور، وكل حديث يبدأ بأول السطر، ومعه رقم، لا، كلّ صحيفة كلُّها
سواد، فينبغي أن تقرأ الصحيفة هذه كلها، لعلك تجد الحديث موجودًا في ثلاثمائة
صفحة، وأنت وحظك، قد يكون الحديث في أوائل المسند، قد يكون في وسطه، قد يكون في
آخره. فمن أجل حديث واحد قرأتُ مرارًا وتكرارًا كلَّ هذه الصفحات، من مسند أبي
هريرة، فضلاً عن المسانيد الأخرى".
يقول هذا الكلام -رحمه الله- ومع ذلك لم تقف في وجهه هذه الصعوبات، بل صدق مع الله وصبر على طلب العلم وخدمة السنّة، حتى بنى للسنّة دوحةً عظيمة، لا يزال مَن بعده يجني من ثمارها، ويستظل بظلالها، رحمه الله وجزاه عن المسلمين خير الجزاء.