الاثنين، 1 سبتمبر 2014

حقيقة التنظيم المسمى بـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام"

بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى معالي الدكتور سعد الشثري –حفظه الله- في بيان حقيقة التنظيم المسمّى بـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام"
المصدر: برنامج "الجواب الكافي" الأحد 5/ 11/ 1435هـ

مقدّم البرنامج: جرى في الأيام الأخيرة الماضية الحديث في وسائل الإعلام وكذلك في وسائل التواصل الاجتماعي عن ربط دعوة الإمام المجدِّد محمد بن عبد الوهّاب رحمه الله تعالى هذه الدعوة المباركة ببعض الحركات التي صار لها رواج في الآونة الأخيرة، في مناطق الصّراع في العراق وسوريا، وأن هذه الحركات التي تنتهج العنف والغلو والتكفير إنما هي امتداد لهذه الحركة الإصلاحية المباركة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهّاب أو تنتهج من نهجها، وتسلك سبيلها، من ذلك ما يتحدث به بعض الكتّاب وبعض المغرّدين عن أنّ مثلاً "داعش" وما تحمله من فكر وما تبشر به من أمور إنما هي امتداد لمثل هذه الدعوات الإصلاحية المباركة.
جواب الشيخ وفقه الله وسدّده:
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد
لا زالت محاولات القضاء على دين الإسلام تتوالى على الأمة الإسلامية باستخدام أسماء رنّانة، يُلبِّس فيها المبطلون الحقّ بالباطل، ويستعملون هذه الأسماء التي تشتاق لها النفوس وترغب فيها من أجل تحقيق أهدافهم السيئة، المناقضة لدين الإسلام. وقد كان مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- الذي جرّ على الأمّة الويلات الكثيرة كان باسم تحقيق العدل في الأمّة! وكان مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- باسم القضاء على الاختلاف بين الأمّة! ولا زال التلاعب بالمسميات الذي يترتب عليه مناصرة الدّهماء للمبطلين، فأُنشئت دول كاملة على هذا النمط، مثلاً "دولة الموحّدين" تنسب للتوحيد وهي من أبعد الناس عنه، أنالت الناس ظلمًا، وخسفت بهم، وجرّت الويلات على الأمّة، وهكذا بـ"الدولة الفاطمِيَّة" تُنسب للصحابية الجليلة فاطمة -بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها- والتي أظهرت خيرًا للناس، وبالتالي ناصرها أهل الخير، وناصرها الراغبون في نصرة دين الله عزّ وجلّ، والتي آل أمرها إلى أن يدّعي ولاتها أنهم الآلهة التي يجب أن تُعبد، طلبُوا من الناس أن يعبدوهم من دون الله، قتلوا العلماء والمصلحين، وأذاقوا الناس الويلات وأنواع العذاب، مع أنه كان في أول أمرها ناصرهم أهلُ الحق وأهلُ الخير اغترارًا بما هم عليه من الأسماء.
وممن حاول استخدام الأسماء الطيبة الجذّابة حزب البعث العربي، فقد جاءوا إلى الأمة باسم مناصرة العروبة والعربية، فإن ميشيل عفلق وصلاح البيطار أسّسوا حزب البعث في عام (1367هـ) ووضعوا مجلة الطَّلِيعة، حتى وصل بهم الحال، وناصرهم من ناصرهم ممن اغترّ بهذه الدعاية، حتى حكموا في سوريا عام (1383هـ) وانخدع بهم عدد من أهل الخير بما أظهروه من أسماء جذّابَة خدّاعَة، ولا زال الناس يُقاسون ما سبّب لهم ذلك من آثار سيئة بسبب هذا الحكم الناشئ من حزب البعث. وهكذا في العراق ففي عام (1378هـ) قاد حزب البعث العربي حملة بقيادة عارِف، قادوا ثورة، قتلوا حينها الملك فيصل الهاشمي، ونادوا أن عبد الكريم قاسم زعيم العراق، ثم انقلب البعثيون عليه عام (83هـ) بثورة حصل فيها اقتتال عظيم وقتال شرس في شوارع بغداد بقيادة عارف، وفي عام (1386هـ) قام حزب البعث بالتحالف مع ضباط غير بعثيين، غرّوهم بمسميات وأسماء رنّانة قاموا بانقلاب، أسقط حكم عبد الرحمن عارف، وبعدها بسنتين قام الحزب بطرد جميع أولئك الضبّاط، ومن تعاون معه في الانقلاب، وقتل كثيرًا منهم، والحزب يتولى مثل هذه السياسات المقيتة، في سياسة شرسة على الناس، تولى اغتيالات كثيرة، اغتال كثيرًا من قادته من مثل: حَرْدان التِّكريتي، فؤاد الرِّكابي، ناظم كزار مع خمسة وثلاثين من أنصاره، غانم عبد الجليل، محمد محجوب، محمد عايش، عدنان الحَمْدَاني، ناصر الحاني، مرتضى سعيد، و و أسماء كثيرة، وفي عام (1399هـ) قاموا بانقلاب آخر، بعضهم على بعض، وأعدم حزب البعث ثلث مجلس قيادة الثورة، وأكثر من خمسمائة عضو من أعضاء حزب البعث، ومن المعلوم أن حزب البعث أنزل بالأكراد أبشع أنواع العذاب، وأنواع القتل والبطش والتنكيل بصور همجية، بلا دين ولا مروءة، وقد حكم الناس بنظام بوليسي مشدَّد، من خلال دوائر مختلفة، دوائر مباحث وشرطة واستخبارات وغيرها من الدوائر، وكان من سياسة الحزب حرب الإسلام، وقتل علماء الشريعة، لم يُورِّثوا أُمَمَهم إلا الفقر والخوف في بلدان غنية وأهلها أهل عمل ونشاط، وأصبح بطش الحزب يعجز عن توفير الأمور الأساسية لهم، وأرسل لعلماء الإسلام لاغتيالهم، أُغلِقَت المساجد، مُنعت كتب العلم، بل حوربت العفة والسِّتر، مع استخدام أنواع التعذيب، وحاول حزب البعث أن يَغُشَّ المسلمين مرات متعددة بشعارات إسلامية عديدة، ومصطلحات تهفو لها النفوس، هذا مثال: اُنظر مثلاً لما استخدم الحزب شعار الجهاد عند غَزْوِه للكويت للتلبيس على الخلق، وانظر لاستخدام لفظة التكبير في عَلَم دولة البعث، أضعف حزب البعث الأمة في عُصُورِها السابقة، وحزب البعث حزب همجي، حزب قومي، ممقوت، يسيطر على ذويه جنون العظمة، ويعتمد على المخادعة والكذب والتزوير، والإنسان عندما يلاحظ الحزب يجد فرقًا شاسعًا بين ممارسات أصحابه وأقوالهم قبل السّلطة ومثل ذلك بعدها، لم يفلح الحزب في تحقيق الوحدة بين فصائله، بين سوريا والعراق في وقته السابق، وكانت الاتهامات مستمرة بينهم، اتهامات بالخيانة العظمى للأمة، مرّ بالأمة مرحلة سيئة بسبب حزب البعث، فنرجو من الله ألا يعود لهم سُلطَان!
اليوم حزب البعث يظهر لنا بلباس خادع، هو مسمّى "الدولة الإسلامية للشام والعراق" الدولة الإسلامية للشام والعراق هو حزب البعث المَقِيت، الذي يقول قائلهم:
   آمنت بالبعث ربًا لا شريك له      وبالعروبة دِيْنًا ما له ثانِ
وحينئذٍ نعلم أن هذا التنظيم إنما هو حزب البعث السابق، وإنما هو بشعار رنّان، يقول قائلهم: "الرجعية الدينية إحدى المخاطر الأساسية التي تهدِّد الانطلاقة التَّقَدُّمِيَّة في المرحلة الحاضرة"، ولذلك إذا نظرت إلى القيادات العُليَا في تنظيم الدولة الإسلامية، وجدت فيه العلمانيين، وجدت فيه الشيعة، وجدت فيه الدُّروز، وحينئذٍ نقول بأن هذا التنظيم لا يَبُتُّ للإسلام بصلة، لا يَبُتُّ للإسلام بصلة، وليس لتنظيم الدولة الإسلامية أي تنظير شرعي تأسيسي يُبَيِّن مَنْهَجه العقدي، وما صدر عنه إنما يمثل تبريرات جدلية، أو تلبيس على الناس باستخدام مصطلحات شرعية ليُروِّج على السُّذَّج الممارسات الهمجية التي يقوم بها حزب البعث المسمى بـ"الدولة الإسلامية"، ولذلك لم نجد أحدًا من علماء الإسلام المعتَبَرِين ينتمي لهذا الحزب أو يدافع عنه، ويخلو التنظيم من أي شخصية شرعية لها وزن، بل جميع الدعاة والعلماء يحذرون من هذا التنظيم المسمى "الدولة الإسلامية"، ويبينون مخالفة ممارساته للإسلام، وعدم شرعية إعلانه للخلافة.
ومَن قال من العلماء بأن هذا التنظيم من الخوارج أخطأ، هذا التنظيم ملاحدة، وأصحابه زنادقة، يحاربون الله ورسوله، لا يُقِرّون بالله ربًا، ولا يُقِرّون بالإسلام دينًا، ولا يُقِرّون بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً، هم أكفر من اليهود والنصارى، بل هم أكفر من الوثنيين وعبّاد الأصنام،[مقدّم البرنامج:هذا في قيادتهم معالي الشيخ؟] نعم، وخطر هذا الحزب على الأمة الإسلامية أعظم من خطر هؤلاء جميعًا.
قد تقول: بأن هذا الحزب انضمّ إلى لوائهم المجاهدون القادمون من بلدانٍ شتى يريدون نصرة دين الله.
نقول: كون هؤلاء أتباع كلِّ ناعق، أتباع كلِّ ناعق، سمعوا الكلمة الطيبة التي أُعلنت غشًا وتزويرًا، فجاءوا إليها، غرّتهم الدعاية، لم ينظروا لحقائق الأمور، ولذلك كذلك انضم تحت لواء هذا التنظيم قُطّاع الطريق، وجُباَة الأموال، والمِلِيشِيَات المرتزقة، وحينئذٍ وجود مثل هؤلاء ليس دالاً على صدق هذا التنظيم في ادّعائِه الانتساب إلى دين الإسلام، والحُكْم على الجيش إنّما هو بأهدافه وغاياته وقادته، ليس بأفراده الذين يفعلون الشيء لتحقيق غايةٍ يُرِيدُها غيرُهم.
بعض الناس قد يقول بأنَّهُم يستخدمون مصطلحات شرعية، مثل التكفير، مثل الرِدَّة، مثل التكبير، مثل البَيْعَة.
نقول: هذه مُسَمَّيَات شرعية، يأتون بها لِلَّعِب على الذُّقُون، واللَّعِب على النّاس، وقد يُمكِّنُون بعض هؤلاء الذين جاءوا للجهاد من فعل بعض هذه الأشياء من أجل أن ينغرّ بِهِم الخلق، ويستخدمون هذه المصطلحات من أجل تبرير طرائقهم السابقة في البطش والتنكيل الذي هو من سياسة حزب البعث.
قد يقول بعضهم بأنْ: هناك معارك بين التنظيم المسمى بـ"الدولة الإسلامية" وبين حزب البعث السوري المتمثل في جيش الأسد.
فنقول: هكذا حزب البعث، ما يفتؤون أن يقتتلوا ويختلفوا، ففي العام الماضي كانت العلاقات بينهم وطيدة، وكان النظام يَتَجَنَّب عَمْدًا المُواجَهَات بينه وبين حزب البعث المسمى "الدولة الإسلامية للعراق والشام"، بل كان الجيش السوري يقصف أي فصائل ثورية تدخل في مواجهات ومعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية، وكأنه يخوض المعركة بنفسه، ولا يُستبعد أن يحدث هناك انقسام بين أقسام حزب البعث، لأنهم هكذا هو شأنهم، وهذه هي طريقتهم، ما يفتؤون أن ينقسموا، كما حدث سابقًا بين العراق وبين سوريا، وبين قادة التنظيم في العراق مرات متعددة.
قد يقول قائل: بأنهم يهدمون الأضرحة.
قيل: هذا من عمل الأتباع، الذين لا يعرفون حقيقة الحال، ويتشدّدون في ذلك، ولذلك لما تعلّق الحُكم بضريح سليمان باشا جدّ العثمانيين، الموجود في المناطق الخاضعة لهُم مَنَعُوا من هدمه، بل سهّلوا للقوات التركية أن تدخل للضّريح لحمايته، وقوات حزب البعث اليوم المسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" تقوم بحماية هذا الضريح!
إن قال قائل -مِثْل مَا ذَكَرتُم- : هم يعتمدون على نصوص من الكتاب والسنّة، ويستدلون بأقوال علماء الدعوة، الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأبنائه وتلاميذه.
قيل: هذا أيضًا من محاولة اللّعب على السعوديين، من أجل استخدام شبابهم ليكونوا وقودًا يناصرهم، ويحقق أهدافهم السّيئة التي هي محاربة لله ورسوله.  
ولذا تجدهم يخاطبون كلاً بما يناسبه، إذا نظرت إلى مثلاً خطابهم إلى أهل المغرب وجدتهم يستخدمون كلام علماء المالكية، ويستخدمون بعض النصوص التي تكلم بها الفقهاء المتقدمون من هذا المذهب، من أجل اِسْتِجْرَار بعض التونسيين والجزائريين والمغاربة، ليكونوا داخل تنظيمهم، وهكذا إذا خاطبوا من ينتمي إلى حزب الإخوان أو غيرهم، خاطبوهم ببعض كلام قادة الحزب من أجل أن يَجرُّوهم ليكونوا وَقُودًا لهم في تحقيق مآربهم المخالفة لدين الله عزّ وجلّ، بل تَجِدُهُم قد يحتَجُّون بكلام بعض المعاصرين الموجودين ممن له كلام آخر يُصَرِّح بفساد منهج هذا التنظيم المسمى بـ"الدولة الإسلامية".
إن قال قائل: بأنّ أبا بكر البغدادي -هذا إبراهيم بن عوّاد- يتكلم بخطاب شرعي مُنَسَّق مبني على النصوص.
فنقول: أبو بكر البغدادي هذا مجرد صورة من أجل تحسين سُمعة حزب البَعْث لَدَى الآخرين، والقيادة الحقيقية عند غيره، مثل الأنباري، حجي بكر، أبو مسلم التُّركُمَاني، أبو عبد الرحمن البَيْلاوي، أبو أحمد العلواني، أبو مهند السُّوَيْدَاوي، محمد النَّدَى الجُبُورِي، وغيرهم، وكُلّهم بَعْثِيُّون، يَتَبَنَّون المنهج العلماني، ويحاربون الله ورسوله، ولَيسُوا من أهل الإسلام في شيء، وأظن أن أول رصاصة سَيُطْلِقُهَا الحزب بعد الانتصار ستكون في رأس أبي بكر البغدادي هذا كما هو الحال في عدد من الوقائع السابقة التي مَرَّت بالحزب، لأنّه انتهى دوره، ولم يعد لبقائه أي داعٍ، وإن كان البغدادي صادقًا في كلامه فعليه أن يتبرأ من حزب البعث، وعليه أن يقضي على القِيَادَات البَعْثِيَّة مِمَّن مَعَه قبل أن يَقْضُوا عليه، وإلا فإنّي أحذره أن يكون من جثى جهنّم.
قد يقول قائل: لهم انتصارات كثيرة، وأصبح لديهم أموال، ودول الكفر تحاربهم، وأصبحت مجتمعة عليهم.
الانتصار المؤقت هذا ليس دليلاً على صدق الإنسان، وليس دليلاً على صحة المنهج ولا سلامة الطريقة، لما انتصر حزب البعث سابقًا لم يستدل أحد بذلك على أنَّهم مُوَافِقُون لِشَرْع الله، انْتِصَار السُّوفْيِت الذين يَتَبَنَّون المنهج الماركسي الملحِد وتَكْوِين أكبر دَولَة لهم سابقًا، ليس دليلاً على صِحَّة طريقتهم ولا ديانتهم، وهناك تناغم بين حزب البعث وبين الماركسية، ولذلك حزب البعث يطرح الطَّرح الماركسي الشيوعي حتى بعد سُقُوطِه في بُلْدَانِه.
قد يقول قائل: بأنهم أقاموا دولة الخلافة.
نقول: نعم، خلافة دولة البعث، ليست خلافة دولة الإسلام، خلافة دولة البعث التي سقطت، والتي جَرَّت على الإسلام والمسلمين الويلات والحروب والشَرّ المُستطير، وها هي الآن تُعِيد نفسها، هذا الكلام -اسم الخلافة- هذا من اللعب بالألفاظ،  لكسب أناس يكونون جُنودًا لهم يتوصَّلُون بهم إلى محاربة الله عزّ وجلّ، ومحاربة رسوله صلى الله عليه وسلم، بواسطة حُكْم حزب البعث.
وبناءً على ما سبق من كون هذا التنظيم المُسَمَّى بـ"الدولة الإسلامية للعراق والشام" يحارب الله ورسوله، ويسعى فسادًا في الأمر، وآخِر ومَآل أمره مُضَادّة شرع ربّ العزّة والجلال، وإغلاق بيوت الله، وقتل علماء الشريعة، ومنع كُتُب العلم، ومنع الحجاب الشرعي، وتعذيب عباد الله المؤمنين، فلذلك أنا أُبَيِّن عدد من الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الموضوع:
أولها- عِظَم إثم مَنْ اِنْتَمى إلى هذا التنظيم، بل الانتماء إلى هذا التنظيم رِدَّة عن دين الإسلام لِمَن عَلِم بحقيقة حَالِهم، ويجب على مَنْ اِنْضَمَّ إليهم أن يتركهم فورًا. وبناءً على أنَّهم يَقْتُلُون مَنْ يُحَاوِل أنْ يتَركهم فحينئذٍ نقول: اُقْتُل قائد فصيلك وأكبر قدر ممن مَعَه؛ لعل الله -عزّ وجلّ- أن يعفو عَنْك انضمامك إليهم.
وثانيًا- مَنْ قُتِل منهم فليس بشهيد، بل نَظُنُّ أنّه إلى جَهَنَّم وبِئس المصير؛ وفقًا لمدلول النصوص الشرعية.
وثالثًا- بَيْعَتُهم باطلة، ولا يجوز الاستمرار فيها، ولا الالتزام بها، ولا قيمة لها شرعًا.
ورابعًا- يَحْرُم التَّعَاون معهم بأي نَوْع مِنْ أَنْوَاع التَّعَاون، بل يُعَدّ ذلك خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين. والأصل أنَّه لا يجوز عقد أَيّ اِتِّفَاق أو هُدْنَة مَعَهُم.
وخامسًا- قِتَالُهم والوُقُوف في وُجُوهِهِم مِنْ أَوْجَبْ الوَاجِبَات الشَّرْعِيَّة، ومِنْ نُصْرَة دِين رَبِّ العِزَّة والجلال. ومَنْ قُتِلَ وَهُوَ يُقَاتِلُهم يُرِيدُ وَجْهَ الله نَرْجُو أنْ يَكُون مِنْ الشُّهَدَاء.
وسادسًا- لَهُم أَتْبَاع ولَهُم أَنْصَار فِي كثيرٍ مِن الدُّوَل، ولِذَلِك يَجِب عَلَى كُلّ مُسْلِم أَنْ يَكْشِف مَا اِطَّلَع عَلَيْه مِنْ أَحْوَالِهِم، وأَنْ يُبَلِّغ عَنْ كُلِّ مَنْ يَعْمَل مَعَهُم، أو يَدْعُو إِلَى مُشَارَكَتِهِم، الحِزْب لَهُ أَعْضَاء فِي جَمِيع الدُّوَل العَرَبِيَّة، مِنْهُم مَنْ يَعْمَل بِشَكْلٍ عَلَنِيٍ واضِح، ومِنْهُم مَنْ يَعْمَل بِشَكْلٍ سِرِّي، ولذلك يَجِب شَرْعًا يَأْثَم مَنْ يَتْرُكه، يَجِب التَّعْرِيف بِأَسْرَارِهِم وَخَصَائِصِهِم وطَرَائِق عَمَلِهِم، وَكَوْن الأُم تُبَلِّغ عَنْ وَلَدها ليُسْجَن سنوات يَعُودُ فِيهَا إِلَى رُشْدِه هُوَ الّذِي تَبْرَأ بِهِ ذِمَّتُهَا، وَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُشَارِكَهُم، أَوْ مِنْ قَتْلِه فِي نُصْرَة هَؤُلاء الملاحِدَة، وَهَكَذَا كَوْن الزَّوْجَة تُبَلِّغ عَنْ زَوْجهَا، والأُخْت تُبَلِّغ عَنْ أَخِيهَا، والجَار عَنْ جَارِهِ هَذَا مِنْ مَحَبَّتِهِم لِمَنْ يُبَلِّغُونَ عَنْه، وَنُصْحِهِم لَهُ.
وأسأل الله -عزّ وجلّ- أن يُعِين شَعب الشَّام على ما وُجد عليه مِنْ أحوال مَقِيتَة، وأسأله أن يُخرِجَهُ مِمَّا هُو فِيه، كما أسأل الله -جلّ وعلا- أن يُعِين شَعب العِرَاق، مَرَّ بمراحلٍ يُرَقِّق بَعضُها بَعضًا، ما بَينَ حُكْم البَعْث المقِيت، ثُمَّ الاحْتِلَال الهَمَجِي، ثُمَّ الحُكْم الطَّائِفِي الظَّالِم، ثُمَّ الآن عِنْدَهُم هَذَا التَّنْظِيم المحَارِب لله ولِرَسُولِه، المتَحَرِّر مِن الضَّوَابِط الأَخلاقِيَّة والشَّرْعِيَّة؛ ولذلك فَإِنِّي أَدْعُو أهل العِرَاق والشَّام إِلَى تَنْظِيم صُفُوفِهِم، وَبِنَائهَا على ما يُحِبُّه الله جَلَّ وعلا ورَسُولِه صلى الله عليه وسلم فِي وَجْه هَؤُلاء وَفِي وَجْه كُلّ مُبْطِل.
وبِهَذِه المنَاسَبَة أُذَكِّر أَنَّ عُلَمَاء الشَّرِيعَة قَدْ قَامُوا بِبَيَان الحَقّ بِمَا يَظْهَر لَهُم وَلَم يُقَصِّرُوا، وهكذا خُطَبَاء المسَاجِد، وبَذَلُوا فِي كَشْف حَقِيقَة هَؤُلَاءِ مَا اسْتَطَاعُوا، ولِذَلِك أَسْأَل الله -جلّ وعلا- أَنْ يَجْزِيَهُم خَيْرَ الجَزَاء، ولَكِن الإِشْكَال فِيْمَا ذَكَرْت مِنْ بَعْض وَسَائِل الاتِّصَال وَبَعض وَسَائِل الإِعلَام الذين يُحَاوِلُون اِستِغلَال هَذِه الأَحدَاث فِي الطَّعن فِيْمَن يُقَابِلُهُم، عَلَى نَسَق قَول الله –جلّ وعلا-: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُم على بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ} [القلم:30]، نَحن اليَوم فِي أَشَدّ الحَاجَة إِلى اِسْتِنْهَاض الهِمَم، لَيس اليَوم هُوَ يَوم تَبَادُل التُّهَم، نُرِيد أَن نَقِف لله -عَزّ وجَلّ- وَقفَة، نُبَيِّن الحَقّ فِيهَا، وَنُعَرِّف النَّاس بِدِينِ رَبِّ العَالَمَين.
حِينَئِذٍ هَذِه هِي حَقِيقَة هَذَا التَّنظِيم، لا علاقة له بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهّاب، لا مِنْ قَرِيبٍ ولا مِنْ بَعِيد، واستِخدَامهم لِبَعض الكَلام الذي يَكُون مِنْ عُلَمَاء المَذْهَب إِنَّمَا هُوَ مِنْ التَّمْوِيه عَلَى الخَلق كَمَا يَستَخدِمُون آيات قُرآنِيَّة، ويَستَخدِمُون أَقوَال فُقَهَاء المَالِكِيَّة، ويَستَخدِمُون بَعض المُصْطَلَحَات الشَّرْعِيَّة. اهـ
                                        *      *      *

جزاه الله خيرًا على التوضيح والبيان
وهدانا الله صراطَه المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالّين.