من براهين
البعث
قال
العلّامة المفسِّر محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في كتابه "أضواء
البيان" (ص64-66) في قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا
النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۞ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً
وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا
لَكُمْ}:
"أَشَارَ
فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى ثَلَاثَةِ بَرَاهِينَ مِنْ بَرَاهِينِ الْبَعْثِ بَعْدَ
الْمَوْتِ، وَبَيَّنَهَا مُفَصَّلَةً فِي آيَاتٍ أُخَرَ:
الْأَوَّلُ: خَلْقُ النَّاسِ أَوَّلًا الْمُشَارُ
إِلَيْهِ بُقُولِهِ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)؛ لِأَنَّ الْإِيجَادَ الْأَوَّلَ أَعْظَمُ بُرْهَانٍ عَلَى
الْإِيجَادِ الثَّانِي.
وَقَدْ
أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كـ:
·
كَقَوْلِهِ:
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) الْآيَةَ،
·
وَقَوْلِهِ:
(كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ)،
·
وَكَقَوْلِهِ:
(فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)،
·
وَقَوْلِهِ:
(قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ)،
·
وَقَوْلِهِ:
(أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ) الْآيَةَ،
·
وَكَقَوْلِهِ:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ)،
·
وَكَقَوْلِهِ:
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى) الْآيَةَ.
وَلِذَا
ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ فَقَدْ نَسِيَ الْإِيجَادَ
الْأَوَّلَ، كما
في:
v
قَوْلِهِ:
(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ) الْآيَةَ،
v
وَقَوْلِهِ:
(وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَوَلَا
يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا)،
ثُمَّ رَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ الدَّلِيلَ بِقَوْلِهِ: (فَوَرَبِّكَ
لَنَحْشُرَنَّهُمْ) الْآيَةَ.. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
الْبُرْهَانُ الثَّانِي: خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً)؛لِأَنَّهُمَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْقِ الْأَعْظَمِ فَهُوَ عَلَى غَيْرِهِ قَادِرٌ مِنْ بَابٍ أَحْرَى.
وَأَوْضَحَ
اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْبُرْهَانَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كـ:
·
قَوْلِهِ
تَعَالَى: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ)،
·
وَقَوْلِهِ:
(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ
يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)،
·
وَقَوْلِهِ:
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ
يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى)،
·
وَقَوْلِهِ:
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ
عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ)،
·
وَقَوْلِهِ:
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا
فَسَوَّاهَا) الْآيَةَ .. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
الْبُرْهَانُ
الثَّالِثُ: إِحْيَاءُ
الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا؛ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ عَلَى
الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، كَمَا أَشَارَ لَهُ هُنَا بـقَوْلِهِ: (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ
الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ).
وَأَوْضَحَهُ
فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كَـ:
·
قَوْلِهِ:
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا
عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي
الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)،
·
وَقَوْلِهِ:
(وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ)، يَعْنِي: خُرُوجُكُمْ
مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً بَعْدَ أَنْ كُنْتُمْ عِظَامًا رَمِيمًا.
·
وَقَوْلِهِ:
(وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ)،
·
وَقَوْلِهِ
تَعَالَى: (حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ
فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ
نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ
الْآيَاتِ.