ختم الشيخ صالح بن فوزان الفوزان –حفظه
الله- درسَه "شرح كتاب الصيام من دليل الطالب" بوصية نافعة لطلاب
العلم في جميع الأمة الإسلامية، نسأل الله أن ينفع بها.
السؤال:
هل من كلمة مباركة توجهونها
لأبنائكم وإخوانكم طلاب العلم في الأمة الإسلامية جمعاء؟
الشيخ:
نعم، نوصيكم بتقوى الله، ومواصلة
طلب العلم، والحرص على ذلك، والعمل بما علّمكم الله، والدعوة إلى الله عزّ وجلّ،
وتعليم الناس ما تعلّمتم، وترك التشاحن الذي الآن حصل بين طلبة العلم، التشاحن
والسباب والتحريش بينهم، حتى فرّقوا الأمة، وفرقوا طلبة العلم: احذروا من فلان، لا
تجلسوا مع فلان، لا تقرؤوا على فلان! هذا ما يجوز. إذا كان فلان عنده خطأ فناصحه
بينك وبينه، أما إنك تنشر هذا بين الناس، وتحذّر منه، وهو عالم أو طالب علم أو رجل
صالح لكنه أخطأ، فلا يوجب هذا النشر {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ
فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور: 19).
فالواجب التناصح بين المسلمين،
الواجب المودة بين المسلمين، ولا سيما طلبة العلم، لا سيما مع العلماء، احترام
العلماء، وعدم التوصية لبعضهم والتحذير من بعضهم، هذا سبَّبَ أشرارًا كثيرة، سبَّبَ
تشاحنًا وتبغاضًا، وسبَّبَ فتنة. تجنبوا هذه الأمور، جزاكم الله خيرًا، وكونوا كما
أراد الله سبحانه: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} (المؤمنون:
52)، {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا
وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ
عَظِيمٌ} (آل عمران: 105).
احرصوا على التآلف، احرصوا على
التناصح بينكم، احرصوا على التعاون على البرّ والتقوى، واحذروا ما يفرّق بين
المسلمين، خصوصًا في هذا الزمان. المسلمون الآن بحاجة إلى الاجتماع، بحاجة إلى قطع
النزاع بينهم، بحاجة إلى التعاون على البرّ والتقوى، لا تصيروا عونًا للعدوّ على
تشتيت المسلمين وتفريق المسلمين. إذا حصلت الفرقة بين العلماء وطلبة العلم مَن
يبقى للأمة؟! العوام ما عليهم شَرْه، الشَرْه على طلبة العلم، الذين يصلحون بين
الناس، الذين يعلّمون الناس.
اتركوا هذه الأمور، وهذه
التشاحنات، وهذه المهاترات، وهذه الخَصْلة الذميمة، {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} (الحجرات:
12)، {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ
(10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} (القلم:
10- 12). لا تطيعوا هؤلاء فتكونوا عونًا
للشيطان على تفريق الأمّة، وعلى إضعاف الأمّة.
مَن أدرتكم عليه خللاً فناصحوه،
إذا ثبت هذا، لا تصدّقوا الشائعات، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ
فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى
مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات: 6)،
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا
وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} (النساء:
94).
الله -جلّ وعلا- حث على اجتماع
المسلمين، وعلى وحدة كلمة المسلمين، وعلى التعاون، وعلى التناصح، ما نقول: اتركوا
الخطأ، نقول: أصلحوا الخطأ، لكن تصلحونه بالطرق الشرعية.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
خاتمة "شرح كتاب
الصيام من دليل الطالب"
مكان الدرس: مسجد الملك سعود بجدة.
الأربعاء 24 – 8 – 1434هـ