أنواع القول على الله
بلا علم
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا
وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا
يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة : 168-169).
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- في فوائد هذه الآية:
قوله
تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا
عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} يشمل
القول على الله:
أ) في ذاته،
كالقائلين أنه سبحانه وتعالى ليس بداخل العالم، ولا خارجه، ولا متصل، ولا منفصل،
ولا فوق العالم، ولا تحت؛ هؤلاء قالوا على الله بلا علم؛ بل بما يُعلم أن الأمر
بخلافه.
ب) في أسمائه، مثل:
أن يقول: إن أسماء الله سبحانه وتعالى أعلام مجردة لا تحمل معاني،
ولا صفات: فهو سميع بلا سمع؛ وبصير بلا بصر؛ وعليم بلا علم؛ فهو عليم بذاته ــــ
لا بعلم هو وصفه.
ج) في صفاته، مثل أن يثبتوا بعض الصفات دون بعض، فيقولون فيما نفوه: أراد به كذا،
ولم يرد به كذا؛ فقالوا على الله بلا علم من وجهين:
الوجه الأول: أنهم نفوا ما أراد الله بلا علم.
والثاني: أثبتوا ما لم يعلموا أن الله أراده.
فقالوا مثلاً: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] بمعنى
استولى عليه. قالوا على الله بلا علم من وجهين:
الوجه الأول: نفيهم حقيقة الاستواء بلا علم
والثاني: إثباتهم أنها بمعنى الاستيلاء بلا علم.
د) في أفعاله، مثل أن
يثبتوا أسبابًا لم يجعلها الله أسبابًا، كمثل المنجمين، والخرَّاصين، وشَبَهِهم.
هؤلاء قالوا على الله بلا علم في أفعاله، ومخلوقاته؛ فيقولون: سبب
وجود هذا وهذا كذا؛ وهو لا يُعلم أنه سبب له كونًا، ولا شرعًا.
ه) في أحكامه؛ مثل أن
يقول: «هذا حرام» وهو لا يعلم أن الله حرمه؛ أو «واجب» وهو لا يعلم أن الله أوجبه.
وهم كثيرون جدًا؛ ومنهم العامة، ومنهم أدعياء العلم الذي يظنون أنهم
علماء وليس عندهم علم؛ ومن الأشياء التي مرت عليّ قريباً، وهي غريبة: أن رجلاً ذهب
إلى إمام مسجد ليكتب له الطلاق؛ فقال له: «طلق امرأتك طلقتين؛ أنا لا أكتب طلقة
واحدة؛ لأن الله يقول: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229]»؛ فقال
له الرجل: «اكتب أني طلقت امرأتي مرتين». وهذا جهل مركب منافٍ لمعنى الآية؛ لأن
معناها أن الطلاق الذي يملك فيه الرجعة هو الطلقة الأولى، والطلقة الثانية؛ فإن
طلقها الثالثة لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
فالقول على الله بلا علم في ذاته، أو أسمائه، أو صفاته، أو أفعاله،
أو أحكامه، كل ذلك من أوامر الشيطان. والغالب أنه لا يحمل على ذلك إلا محبة الشرف،
والسيادة، والجاه؛ وإلا لو كان عند الإنسان تقوى لالتزم الأدب مع الله عّز وجلّ،
ولم يتقدم بين يدي الله ورسوله، وصار لا يقول على الله إلا ما يعلم.
المرجع:
"تفسير
القرآن الكريم" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله. (2/ 238 – 240). باختصار.