بسم
الله الرحمن الرحيم
خليفة
رسول الله
أبو
بكر الصديق
رضي الله عنه
ترجمة
أبي بكر رضي الله عنه
اسمه
عبد الله بن عثمان بن
عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وفهر هو
قريش. يُكنى بأبي بكر ويكنى والده بأبي قحافة، ووصفه الرسول صلى الله عليه و سلم
بالصِّديِّق عقب حادثة الإِسراء والمعراج إذ صدقـه حين كذّبـه
المشركـون."عندما أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى، أصبح
يتحدث الناس بذلك، فارتد الناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي
اللّه عنه، فقالوا: "هل لك إلى صاحبـك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت
المقدس؟ قال: "أو قال ذلـك؟ قالوا:نعم. قال: لئن قال ذلك لقد صدق".
قالوا: "أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح "؟!
قال: "نعم، إني أصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غَدْوَةٍ أو
رَوْحَةٍ ، فلذلك سُمِّي أبو بكر الصديق. "الصحيحة"
(306).
صفته
الخِلْقية: كان رجلاً نحيفًا،
خفيف اللحم، أبيض، لا يستمسك إزاره، يسترخي عن حقويه، معروق الوجه، غائر العينين، ناتئ
الجبهة، عاري الأشاجع، وكان يخضب لحيته بالحناء والكتم.
الخُلُقية: كان رضي الله عنه
كريمًا، شجاعًا، ثابتًا، ذا رأي سديد في المواقف العظام، سمحًا، صبورًا، قوي
العزيمة، فقيهًا، عالمًا بالأنساب والأخبار، شديد التوكل على الله والثقة بوعده،
ورعًا متباعدًا عن الشبهات، زاهدًا في الدنيا، راغبًا فيما عند الله، إلفًا مؤلفًا
رضي الله عنه.
إسلامه
كان أبو بكر الصديق
أول الرجال إسلامًا، وسبقته خديجة، وكان علي رضي الله عنه أول الصبيان إسلامًا،
وكذا زيد بن حارثة أول الموالي إسلامًا، وكان إسلام أبي بكر أعظم منفعة للإسلام
والمسلمين من إسلام غيره، لمكانته وجده في الدعوة، حيث أسلم بإسلامه عدد كثير من
المشاهير مثل: عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن عفان، والزبير بن
عوام، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم أجمعين. وقد كان يوم أسلم عنده أربعون ألف
درهم أنفقها في سبيل الله.
وأعتق عددًا من
العبيد المستضعفين الذين كانوا يُعذبون في سبيل الله مثل بلال رضي الله عنه، وقد
لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، وكان صاحبه في الغار، وفي الهجرة، ثم
في المدينة، وحضره مشاهده كلها.
زوجاته
وأولاده
-
تزوج في الجاهلية
"قُتَيْلة بنت عبد العزى" فولدت له: عبد الله وأسماء.
-
وتزوج "أم
رومان بنت عامر من كنانة" فولدت له: عبد الرحمن وعائشة.
-
تزوج أسماء بنت
عُمَيْس الخثعمية" فولدت له: محمد بن أبي بكر، وكان ذلك في حجة الوداع.
-
تزوج "حبيبة
بنت خارجة بن زيد من بني الحارث بن الخزرج" وكان أبو بكر نزل على خارجة لما
قدم المدينة مهاجرًا، فتزوج ابنته، ولم يزل فيهم بالسُّنُح حتى توفي رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وولي الخلافة، فولد له: أم كلثوم بعد وفاته.
مناقب
أبي بكر رضي الله عنه في القرآن (1)
أبو بكر الصديق رضي
الله عنه هو أفضل الصحابة، وقد حصل له من الشرف ما لم يحصل لأحد غيره، وذلك صحبته
للنبي صلى الله عليه وسلم وملازمته له، فهو معه في مكة، وفي المدينة، وفي الهجرة
من مكة إلى المدينة، وفي أسفاره كلها، وبجوراه في القبر، ومعه في الجنّة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء،
والله سبحانه وتعالى ذو الفضل العظيم
قال الله تعالى:
{إِلاَّ
تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ
إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا
فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ
كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة : 40].
قالت
عائشة وأبو سعيد وابن عباس رضي الله عنهم:
كان أبو بكر مع
النبي صلى الله عليه وسلم في الغار". أورده البخاري في
صحيحه.
قال
الشيخ السِّعْدي رحمه الله:
"أجمع
المسلمون على أن أبا بكر الصديق هو المراد بهذه الآية الكريمة"
قال
الحسينُ بنُ الفضل:"مَن أنكر أن يكون أبو بكر رضي الله عنه
صاحبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فهو كافرٌ لأنه ردَّ نصَّ القرآنِ الكريم"
ذكره البغوي رحمه
الله.
ما
وجه دلالة الآية على فضيلة أبي بكر رضي الله عنه؟
اتصافه بخصيصة لم
تكن لغيره من هذه الأمة، وهي الفوز بهذه المنقبة الجليلة، والصحبة الجميلة.
والسنّة مبيّنة
ومفسرة لما جاء في القرآن؛ لذلك روى البخاري رحمه الله في "صحيحه" بعد
ذكر آية التوبة حديثين فيهما بيان لموقف أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم في
الغار وفي طريق الهجرة، وما في ذلك من ظهور فضله وعظيم مكانته في الإسلام رضي الله
تعالى عنه وأرضاه.
الحديث
|
الفضل
|
الشاهد
|
عَنِ الْبَرَاءِ
رضي الله عنه قال: ((قَالَ اشْتَرَى أَبُو بَكْرٍ رضى الله
عنه مِنْ عَازِبٍ رَحْلاً بِثَلاَثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَازِبٍ:
مُرِ الْبَرَاءَ فَلْيَحْمِلْ إِلَىَّ رَحْلِي، فَقَالَ عَازِبٌ: لاَ، حَتَّى تُحَدِّثَنَا
كَيْفَ صَنَعْتَ أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ خَرَجْتُمَا
مِنْ مَكَّةَ وَالْمُشْرِكُونَ يَطْلُبُونَكُمْ؟ قَالَ: ارْتَحَلْنَا مِنْ مَكَّةَ،
فَأَحْيَيْنَا أَوْ سَرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَيَوْمَنَا حَتَّى أَظْهَرْنَا، وَقَامَ
قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، فَرَمَيْتُ بِبَصَرِي هَلْ أَرَى مِنْ ظِلٍّ فَآوِيَ إِلَيْهِ؟
فَإِذَا صَخْرَةٌ أَتَيْتُهَا فَنَظَرْتُ بَقِيَّةَ ظِلٍّ لَهَا فَسَوَّيْتُهُ، ثُمَّ
فَرَشْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: اضْطَجِعْ يَا
نَبِيَّ اللَّهِ، فَاضْطَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ انْطَلَقْتُ
أَنْظُرُ مَا حَوْلِي، هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا؟ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي
غَنَمٍ يَسُوقُ غَنَمَهُ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أَرَدْنَا، فَسَأَلْتُهُ
فَقُلْتُ لَهُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ؟ قَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُ
فَعَرَفْتُهُ، فَقُلْتُ هَلْ: فِي غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ:
فَهَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لَبَنًا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً
مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ
أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا -ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ
بِالأُخْرَى- فَحَلَبَ لِي كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ
حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
فَوَافَقْتُهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقُلْتُ له: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَشَرِبَ
حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
بَلَى، فَارْتَحَلْنَا وَالْقَوْمُ يَطْلُبُونَنَا، فَلَمْ يُدْرِكْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ
غَيْرُ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَقُلْتُ: هَذَا
الطَّلَبُ قَدْ لَحِقَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا)). رواه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي r/
باب مناقب المهاجرين/ 2652)
|
أنه صَاحَبَ رسول
الله r في
تلك السفرة ووقاه بنفسه.
|
((ارتحلنا من مكة ... هَلْ أَرَى مِنَ الطَّلَبِ أَحَدًا؟))
|
شدة محبة أبي بكر
للنبي r
وإيثاره على نفسه.
|
فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ
|
|
قيامه بخدمة
النبي r
وإكرامه والمبالغة في ذلك.
|
((ثم فرشت للنبي ...
فشرب حتى رضيت))
|
|
أدبه مع النبي r
|
((ثُمَّ قُلْتُ: قَدْ
آنَ الرَّحِيلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟))
|
|
أن الله تعالى
خصه مع النبي r
بمعية خاصة
|
((لاَ تَحْزَنْ إِنَّ
اللَّهَ مَعَنَا)).
|
|
|
|
|
وعَنْ أَنَسٍ،
عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضى الله عنه قَالَ: ((قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَأَنَا فِي الْغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ
لأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ
ثَالِثُهُمَا)). رواه البخاري
(كتاب فضائل أصحاب النبي r/
باب مناقب المهاجرين/ 2653) ورواه مسلم (كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم/ باب
من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه/ 2381)
|
صحبته للنبي r
في الغار
|
((قُلْتُ
لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا فِي الْغَارِ))
|
أن الله تعالى
خصه مع النبي r
بمعية خاصة
|
((مَا ظَنُّكَ
يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا))
|
مناقب
أبي بكر رضي الله عنه في القرآن (2)
كان أبو بكر رضي
الله عنه صديقًا تقيًا كريمًا جوادًا باذلاً لأمواله في طاعة
مولاه ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكم من دراهم ودنانير بذلها ابتغاء وجه
ربّه الكريم، ولم يكن لأحد من الناس عنده منّة يحتاج إلى أن يكافئه بها، ولكن كان
فضله وإحسانه على السادات والرؤساء من سائر القبائل، وكانت له يد طولى،
ومن ذلك أنه أعتق بلالاً وعامرَ بنَ فُهَيرة رضي الله عنهما، ولذلك ذكر غير واحد
من المفسرين، أنه نزل فيه قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي
مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا
ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى} ولا شك أنه داخل فيها
وأولى الأمة بعمومها. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه ما خلا أبا بكر،
فإن له عندنا يدًا يكافيه الله به يوم القيامة، وما نفعني
مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر)). رواه الترمذي وقال:
حسن غريب من هذا الوجه، وصححه الألباني
قال الله تعالى:
{وَلَا
يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى
وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا
أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور
: 22]
عن
عائشة رضي الله عنها-في حديث الإفك المشهور- قالت:
((فلما أنزل الله
في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه – وكان ينفق على مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَة
لقرابته منه وفقره- والله لا أنفق على مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَة شيئًا أبدًا بعد الذي
قال لعائشة ما قال، فأنزل الله: {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ
أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ} قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى
مِسْطَحٍ النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا)) رواه
البخاري.
من الآية
والحديث الذي رواه البخاري تظهر لنا عدة فضائل لأبي بكر الصديق رضي الله عنها،
منها:
1- بذله وإنفاقه
لأولي القربى في سبيل الله، حتى جعله الله من أولي الفضل.
2- سرعة استجابته
للقرآن الكريم وتقديمه مراد الله على هوى نفسه، بمسارعته في العفو والإحسان لمن
أساء إليه.
مناقب
أبي بكر رضي الله عنه في السنّة
الحديث
|
الفضل
|
الشاهد
|
عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، فقال: عبد
خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده، فبكى أبو بكر
وبكى، فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو
المخيَّر وكان أبو بكر أعلمنا به، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أمنَّ
الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً،
ولكن إخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خَوْخةٌ إلا خوخةَ أبي بكر)). رواه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي r/ باب قول النبي r: ((سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر))/ 2654) ورواه مسلم (كتاب فضائل الصحابة رضي
الله عنهم/ باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه/ 2382) واللفظ له.
|
شدة محبته للنبي
صلى الله عليه وسلم وذلك علامة قوة الإيمان.
|
"فبكى أبو
بكر وبكى، فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا"
|
أنه أعلم الصحابة
|
"وكان أبو
بكر أعلمنا به"
|
|
منزلته عند النبي
صلى الله عليه وسلم، حيث إن الخُلّة هي كمال المحبة ونهايتها، وأخبر النبي صلى
الله عليه وسلم أنها لو كانت لأحد من أهل الأرض لكانت لأبي بكر رضي الله عنه.
|
" ولو كنت متخذًا خليلاً
لاتخذت أبا بكر خليلاً"
|
|
خصه النبي صلى
الله عليه وسلم بخصيصة وهي أمره بسدّ الأبواب إلى المسجد إلا بابه.
|
"لا تبقين في
المسجد خَوْخةٌ إلا خوخةَ أبي بكر"
|
|
أنه أبذل الناس
لنفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم
|
"إن أمنَّ الناس
عليّ في ماله وصحبته أبو بكر"
|
|
عن عمرو بن
العاصِ رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات
السلاسل، فأتيتُه فقلتُ: أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: عائشة، قلتُ: مِن الرجال؟
قال: أبوها، قلت: ثم مَن؟ قال: عمر، فعدَّ رجالاً)) رواه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي r/ الباب الذي يلي باب قول النبي r: ((لو كنتُ متخذًا خليلاً))/ 3662) ورواه مسلم (كتاب فضائل
الصحابة رضي الله عنهم/ باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه/ 2384)
|
أنه أحبُّ الرجال
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
|
"أيُّ الناس
أحبُّ إليك؟ قال: عائشة، قلتُ: مِن الرجال؟ قال: أبوها"
|
أنه أفضل الصحابة
|
||
عن همّام قال:
سمعتُ عمارًا يقول: ((رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبد
وامرأتان وأبو بكر)) رواه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي r/
الباب الذي يلي باب قول النبي r:
((لو كنتُ متخذًا خليلاً))/ 3660)
|
أنه أوّل من أسلم
من الأحرار مطلقًا.
|
"وما معه إلا
خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر"
|
عن أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه، قَالَ: ((صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، صَلاَةَ الصُّبْحِ
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبهَا
فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهذَا؛ إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ
فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ فَقَالَ: فَإِنِّي أُومِنُ
بِهذَا، أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَا هُمَا ثَمَّ وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي
غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بَشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ
اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: هذَا، اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي،
فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبْعِ، يَوْمَ لاَ رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي فَقَالَ النَّاسُ:
سُبْحَانَ اللهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ قَالَ: فَإِنِّي أُومِنُ بِهذَا أَنَا وَأَبُو
بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَا هُمَا ثَمَّ)) رواه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي r/ الباب الذي يلي باب قول النبي r: ((لو كنتُ متخذًا خليلاً))/ 3663) ورواه مسلم (كتاب فضائل
الصحابة رضي الله عنهم/ باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه/ 2388)
|
ثقة النبي صلى
الله عليه وسلم به، لعلمه بصدق إيمانه رضي الله عنه وقوة يقينه وكمال معرفته
لعظيم سلطان الله، كما قدرته.
|
"فَإِنِّي أُومِنُ
بِهذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَمَا هُمَا ثَمَّ"
|
عن عبد الله بن
عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من جرّ ثوبَه خُيلاء
لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقال أبو بكر: إن أحدَ شِقَّيْ ثوبي يسترخي إلا
أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لستَ تصنع ذلك
خُيلاء)). رواه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي r/
الباب الذي يلي باب قول النبي r:
((لو كنتُ متخذًا خليلاً))/ 3665)
|
ورعه وشحّه –رضي الله
عنه على دينه
|
"إن أحدَ
شِقَّيْ ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه"
|
شهادة النبي صلى
الله عليه وسلم له بما ينافي ما يكره
|
"إنك لستَ
تصنع ذلك خُيلاء"
|
|
عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضى الله عنه حَدَّثَهُمْ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ:
اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ)). رواه البخاري
(كتاب فضائل أصحاب النبي r/
الباب الذي يلي باب قول النبي r:
((لو كنتُ متخذًا خليلاً))/ 3675)
|
وصفه النبي صلى
الله عليه وسلم بالصّدّيق.
|
"وَصِدِّيقٌ"
|
عن عروة بن
الزبير قال: سألتُ عبدَ الله بن عمرو عن
أشدّ ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: رأيتُ عُقْبةَ
بن أبي مُعيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فوضع رداءً في عُنُقه
فخنقه بها خنقًا شديدًا، فجاءه أبو بكر حتى دفعه عنه صلى الله عليه وسلم فقال:
{أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ
مِن رَّبِّكُمْ} [غافر : 28]. رواه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي r/ الباب الذي يلي باب قول النبي r: ((لو كنتُ متخذًا خليلاً))/ 3678)
|
مدافعته عن النبي
صلى الله عليه وسلم بنفسه.
|
"فجاءه أبو
بكر حتى دفعه عنه"
|
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ
رضى الله عنه قَالَ: ((كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ
أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ،
فَسَلَّمَ، وَقَالَ إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَىْءٌ فَأَسْرَعْتُ
إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَىَّ، فَأَقْبَلْتُ
إِلَيْكَ فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ
يَا أَبَا بَكْرٍ ، ثَلاَثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي
بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا لاَ. فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم، فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَمَعَّرُ
حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم : إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو
بَكْرٍ صَدَقَ. وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي
صَاحِبِي ، مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا)) رواه البخاري
(كتاب فضائل أصحاب النبي r/
الباب الذي يلي باب قول النبي r:
((لو كنتُ متخذًا خليلاً))/ 3661)
|
فضله على جميع
الصحابة
|
"إِنَّ اللَّهَ
بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ. وَوَاسَانِي
بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي؟!"
|
تعظيم النبي صلى
الله عليه وسلم وتقديره له
|
"فَجَعَلَ وَجْهُ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَمَعَّرُ"
|
|
عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح منكم اليوم صائمًا؟
قال أبو بكر: أنا، قال: فمن اتبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن
أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟
قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئٍ إلا
دخل الجنّة)). رواه مسلم (كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم/
باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه/ 1028)
|
مسارعته في أعمال البرّ
|
"من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال
أبو بكر: أنا، قال: فمن اتبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن أطعم
منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو
بكر: أنا"
|
أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
((مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَىْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِيَ
مِنْ أَبْوَابِ ـ يَعْنِي الْجَنَّةَ ـ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ
كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ باب الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ
الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ باب الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ
مِنْ باب الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ باب الصِّيَامِ،
وَبَابِ الرَّيَّانِ ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا عَلَى هَذَا الَّذِي يُدْعَى
مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا
أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ " نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ
يَا أَبَا بَكْرٍ )). رواه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي r/
الباب الذي يلي باب قول النبي r:
((لو كنتُ متخذًا خليلاً))/ 3666)
|
أنه –رضي الله عنه- يُدعى يوم القيامة
من أبواب الجنّة كلها، لأن الرجاء من الله ومن نبيه واقع.
|
"وَقَالَ هَلْ يُدْعَى مِنْهَا كُلِّهَا
أَحَدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ " نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ
يَا أَبَا بَكْرٍ"
|
استخلاف
أبي بكر رضي الله عنه
لم ينصّ النبي صلى
الله عليه وسلم على خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولكنه أشار إلى استخلافه
وأومأ بذلك في أحاديث كثيرة.
الحديث
|
دلالته على الاستخلاف
|
عن جُبَيْرِ بْنِ
مُطْعِمِ رضي الله عنه قَالَ: ((أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِع إِلَيْهِ قَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ
أَجِدْكَ كَأَنَّهَا تَقولُ: الْمَوْتَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إِنْ لَمْ
تَجِدِيني فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ)) رواه البخاري
(كتاب فضائل أصحاب النبي r/
باب قول النبي r
قال: لو كنت متخذًا خليلاً/ 3659) ورواه
مسلم (كتاب فضائل
الصحابة/ باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه/ 2386)
|
أن مواعيد النبي -صلى
الله عليه وسلم- كانت على من يتولى الخلافة بعده تنجيزها.
|
عن عائشة رضي
الله عنها قالت: ((قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: ادعي لي أبا
بكر وأخاك، حتى أكتبَ كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمنّ ويقول قائل: أنا أولى،
ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)). رواه مسلم (كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم/
باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه/ 2387)
|
إخبار النبي صلى
الله عليه وسلم أن المسلمين يأبون عقد الخلافة لغيره.
|
عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر، فقال: عبد
خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده، فبكى أبو بكر
وبكى، فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو
المخيَّر وكان أبو بكر أعلمنا به، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أمنَّ
الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً،
ولكن إخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خَوْخةٌ إلا خوخةَ أبي بكر)) رواه البخاري
(كتاب فضائل أصحاب النبي r/
باب قول النبي r:
((سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر))/ 2654) ورواه مسلم (كتاب فضائل الصحابة رضي
الله عنهم/ باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه/ 2382) واللفظ له.
|
فيه إشارة وتنبيه
على أن أبا بكر هو أولى بالأمر من بعده، وأنه كما كان عليه الصلاة والسلام يخرج
من بيته إلى المسجد فإن الذي يقوم من بعده يحصل له هذا، ولا سيما وأنه قال هذا
في مرض موته.
|
عن أبي بردة عن
أبي موسى عن أبيه، قال: ((مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مروا أبا
بكر فليصل بالناس، فقالت عائشة: يا رسول الله! إن أبا بكر رجل رقيق متى يقم
مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، قال: فقال: مروا أبا بكر يصل بالناس فإنكن صواحب
يوسف، قال: فصلى أبو بكر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم)). رواه البخاري
(كتاب الجماعة والإمام (باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة/ 678) ومسلم (كتاب الصلاة/ باب استخلاف
الإمام إذا عرض له عذر من مرض وسفر وغيرهما/ 420)
|
أنه كما قدّمه
النبي صلى الله عليه وسلم للإمامة في الصلاة فإنه دلالة على تقديمه للخلافة.
|
أهمّ
الأحداث في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه
1- إنفاذ جيش أسامة رضي الله عنه
كان النبي صلى الله
عليه وسلم قد جهز جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما لغزو الروم في الشام، فمات رسول
الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج الجيش، فتردد الصحابة في إرسال هذاذ الجيش
خوفًا على المدينة خاصة بعد أن جاءهم الخبر عن ردة كثير من العرب، وأصرّ أبو بكر
الصديق رضي الله عنه على إرساله وقال: ((والله لا أحلّ عقدة عقدها رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ولو أن الطير تخفطنا، والسباع من حول المدينة،)) وأمر الحرس
يكونون حول المدينة، فكان خروج الجيش في ذلك الوقت من أكبر المصالح والحالة تلك،
فصاروا لا يمرّون بحي من أحياء العرب إلا أُرعبوا منهم وقالوا: ما خرج هؤلاء من
قوم إلا وبهم منعة شديدة، فأقاموا أربعين يومًا، ويقال: سبعين، ثم قفلوا راجعين.
2- قتال المرتدين ومانعي الزكاة
عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال: ((لما توفي رسول الله r
واستُخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس
وقد قال رسول الله r: أمرت
أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني
ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله؟ فقال: والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة
والزكاة فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله r
لقاتلتهم على منعه، قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت الله
قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفتُ أنه الحق)). رواه البخاري (كتاب الاعتصام/ باب الاقتداء بسنن
رسول الله r/ 7284).
قال علي بن
المديني: "إن الله أيد هذا الدين بأبي بكر الصديق يوم الردة، وبأحمد بن
حنبل يوم المحنة" "سير أعلام النبلاء" (11/196).
3-
غزو الشام والعراق
بعث الصديق إلى
خالد بن الوليد رضي الله عنهما بأن يسير إلى العراق، وأن يأتي العراق من أسفلها،
وأن يتألف الناس ويدعوهم إلى الله عزّ وجلّ، فإن أجابوا وإلا أخذ منهم الجزية، فإن
امتنعوا عن ذلك قاتلهم، وأمره ألا يُكره أحدًا من جنده على المسير معه، ولا يستعين
بمن ارتد عن الإسلام وإن كان عاد إليه، وأمره أن يستصحب كل امرئ مرّ به من
المسلمين، وشرع أبو بكر في تجهيز السرايا والبعوث إمدادًا لخالد رضي الله عنه،
وكذلك ذلك في سنة 12 هـ.
وفي السنّة الثالثة
عشرة والصديق عازم على جمع الجنود ليبعثهم إلى الشام، كما بعث إلى العراق، فشرع في
جمع الأمراء من أماكن متفرقة من جزيرة العرب، وبدأ بعقد الألوية وتولية الأمراء،
وجعل الصديق يمدهم بالجيوش، ولما توجهت الجيوش الإسلامية نحو الشام أفزع ذلك الروم
وخافوا خوفا شديدًا، وكتبوا إلى هرقل، فكانت وقعة "اليرموك" المشهورة،
التي انتصر فيها المسلمون نصرًا عظيمًا.
4-
جمع القرآن الكريم
عن زيد بن ثابت رضي
الله عنه قال: ((أرسل إليّ أبو بكر الصديق مقتلَ أهلِ اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب
عنده، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتلَ قد استحرّ يوم
اليمامة بقرّاء القرآن، وإني أخشى، إن استحرّ إن استحرّ القتل بالقراء بالمواطن،
فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف تفعل شيئًا لم
يفعله رسول الله r؟ قال
عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك
الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب
الوحي لرسول الله r فتتبع
القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به
من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلون شيئًا لم يفعله رسول الله r؟
قال: هو الله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي
بكر وعمر رضي الله عنهما، فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب واللِّخاف وصدور الرجال
حتى وجدتُ آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره: {لَقَدْ جَاءكُمْ
رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة : 128] حتى
خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند
حفصة بنت عمر رضي الله عنه. رواه البخاري (كتاب فضائل القرآن/ باب جمع القرآن/ 4986)
وفاة
أبي بكر رضي الله عنه
في جمادى الآخرة من السنّة الثالثة عشرة من الهجرة مرض أبو بكر الصديق رضي
الله عنه مرض الموت وجاءته سكراته، وكانت عنده ابنته أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها فقالت:
لعمرك ما يغني
الثراء عن الفتى
|
إذا حشرجتْ يومًا
وضاق بها الصدرُ
|
فرفع بصره إليها
وقال: هلا قلتِ: {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ
تَحِيدُ} [قـ : 19]، فقيل له: ألا نحضر
لك الطبيب؟ فقال: قد رآني الطبيب وقال: إني فعّال لما أريد. وأسلم الروح لباريها،
وغادر هذه الحياة إلى جنّة عرضها السموات والأرض كما بشره بذلك النبي صلى الله
عليه وسلم، ودفن بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي وله 63 سنة.
نقل الحافظ الذهبي عن الواقدي قال: "إن أبا بكر لما ثقل دعا عبد
الرحمن بن عوف فقال: أخبرني عن عمر، فقال: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني،
قال: وإن، قال: هو والله أفضل من رأيك فيه، ثم دعا عثمان فقال: علمي فيه أن سريرته
خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله، فقال: يرحمك الله، والله لو تركته ما عدوتك،
وشاور معهما سعيد بن زيد وأسيد بن الحضير وغيرهما.
ثم دعا عثمان فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن
أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجًا منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلاً فيها،
حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب، إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب
فاستمعوا له وأطيعوا، وإني لم آلُ الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرًا، فإن عدل
فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدّل فلكل امرئ ما اكتسب، والخير أردتُ، ولا أعلم
الغيب {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء : 227]".اهـ
فقام عمر رضي الله عنه من بعده خير قيام، لذلك عدّ العلماء خلافة عمر رضي
الله عنه من مناقب أبي بكر رضي الله عنه.
أهم
المراجع:
·
صحيح
البخاري
·
"فتح
الباري" للحافظ ابن حجر.
·
"المنهاج
شرح صحيح مسلم" للإمام النووي.
·
"الخلفاء
الراشدون من كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير". د. محمد السُّلمي.