قال ابن كثير -رحمه
الله- في الآية: {اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}:
"لما تقدم الثناء على
المسؤول -تبارك وتعالى- ناسب أن يعقب بالسؤال؛ كما قال: "فنصفها لي ونصفها
لعبدي، ولعبدي ما سأل"، وهذا أكمل أحوال السائل، أن يمدح مسؤوله، ثم يسأل
حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله: {اهدنا}، لأنه أنجح للحاجة وأنجع للإجابة، ولهذا أرشد الله تعالى إليه لأنه
الأكمل. وقد يكون السؤال بالإخبار عن حال السائل واحتياجه، كما قال موسى عليه
السلام: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ
مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}، [القصص: 24]، وقد
يتقدمه مع ذلك وصف المسؤول، كقول ذي النون: {لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، وقد يكون بمجرد الثناء على المسؤول، كقول الشاعر:
أأذكر حاجتي أم قد
كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء
إذا أثنى عليك المرء
يومًا ... كفاه من تعرضه الثناء".
ممكن أن نضع عنوانًا
للمقطع السابق:
أحوال السائل
1- أن يمدحَ السائلُ
المسؤولَ ثم يسألَ حاجتَه، كما في سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2)
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (3) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4)
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الفاتحة: 1-5). وهذا أكمل أحوال السائل.
2- أن يخبرَ السائلُ
عن حاله واحتياجه، كما قال موسى -عليه السلام-: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}، [القصص: 24]، وقد يتقدمه مع ذلك وصفُ المسؤول، كقول ذي النون –عليه
السلام-: {لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ
إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87].
3- أن يكتفي بمجرّدِ
الثناءِ على المسؤول؛ كقول الشاعر:
أأذكرُ حاجتي أم قد
كفاني ... حياؤك إنّ شيمتَك الحياءُ
إذا أثنى عليك
المرءُ يومًا ... كفاه من تعرّضه الثناءُ.