الأحد، 19 أبريل 2015

التحذير من مسلك الخوارج

التحذير من مسلك الخوارج
جزء ثمين من تعليق الشيخ الدكتور عبد الرزاق البدر -حفظه الله- على كتاب الشريعة للآجري.
الأحد 23 / 6/ 1436هـ
قال محمد بن الحسين الآجرّي –رحمه الله-:
"فلا ينبغي لمن رأى اجتهادَ خارجيٍّ، قد خرج على إمام، عدلًا كان الإمام أو جائرًا، فخرج وجمع جماعةً وسلَّ سيفه، واستحلّ قتال المسلمين، فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن، ولا بطول قيامه في الصلاة، ولا بدوام صيامه، ولا بحسن ألفاظه في العلم إذا كان مذهبه مذهب الخوارج. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قلتُه أخبارٌ لا يدفعها كثير من علماء المسلمين".
تعليق الشيخ الدكتور عبد الرزاق البدر -حفظه الله-:
أخبار تفيد أن هؤلاء أهلُ فتنة مع ما هم عليه من اجتهاد في العبادة والصلاة والذكر وقراءة القرآن، وأنّ الواجب على المسلم ألّا يغترَّ بما عليه هؤلاء من –مثلًا- صلاة أو ما هم عليه من كثرة ذكر، أو من تلاوة للقرآن، لا يغترّ إذا كانوا قد سلكوا مسلك الخوارج.
وهذا يتطلب -مع كثرة الفتن- أن يكون المسلم على معرفة بهذا المسلك؛ حتى يكون منه على حذر، وعلى معرفة بأوصاف هؤلاء حتى يكون منهم على حذر؛ لئلا يغترَّ منهم بصلاة أو صيام أو قراءة قرآن أو كثرة ذكر؛ حتى لا يُفتن في دينه، حتى لا يقع في هذا المذهب الباطل، مذهب الإجرام والإفساد والجناية على الأمّة. فكم عبر التاريخ من دماء تُراق! كم من الدماء تُراق! دماء مسلمة معصومة محرّمة تُراق! من صغار وكبار وذكور وإناث وشيوخ وأطفال! وكم من الفتن تعصف بالأمّة والفُرقة والشَّتات! وكم من التعديات على الأموال والانتهاكات للأعراض! واختلال الأمن، وانتشار الفوضى، وشيوع الفساد! وبقاء الناس في بلدانهم في اضطراب وقلق وفتن وشرور! أمور كثيرة يؤسِّس لها هؤلاء، ويَظهَر قرن هؤلاء بين وقت وآخر في الأمّة، ويحصل على أيديهم مثل هذا الفساد العظيم. فينبغي على المسلم ألا يغتر بصلاة أحدهم أو صيامه أو ذكره أو قراءته للقرآن ما دام مذهبُه مذهبَ الخوارج.
فالمصنّف -رحمه الله تعالى- ساق ذلك لبيان هذا الأمر.
والعبرة في حال الرجل بتعظيمه للسنّة. وإذا رأيت الرجل يستوحشُ ويبغضُ أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المتعلقة بالسمع والطاعة لولاة الأمر، وإذا قُرئَت كرهها ولم يُطِقْ سماعها فهذه من أعظم الأمارات التي تكشف حال الرجل وأنه مُشرَبٌ بهذه الفتنة. فإن بعض الناس إذا سمع الأحاديث في الأحكام، الأحاديث في العبادات، الأحاديث في الأخلاق لا يستوحش، وإذا قرئ شيءٌ من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام الصِّحاح الثابتة، فيما يتعلق بحقوق الولاة والسمع والطاعة يأنف ويستنكف ويستوحش ويجد في نفسه نفرةً من ذلك وأنفة. وهذا دخل في قلبه شيء من هذا المذهب. وأول ما تبدأ فتنة هؤلاء من هذه الجهة، من جهة كراهية النصوص المتعلقة بحقوق الولاة. ومن المعلوم أن أمر الأمة لا يستقيم إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمام، ولا إمام إلا بسمع وطاعة، أمور آخذٌ بعضها ببعض، فإذا لم يكن هذا الأمر في الأمة تمزقت وذهبت في مهب الريح. لا جماعة إلا بإمام، ولا إمام إلا بسمع وطاعة، ولهذا يجب أن تُتخذ الإمامة دينًا، ويسمع للإمام ويُطاع تدينًا وتقربًا لله سبحانه وتعالى وطلبًا لرضاه.
فأولُ ما تكون فتنة هؤلاء من هذه الجهة هو من جهة الافتيات على ولاة الأمر: افتيات على ولاة الأمر الذين هم الحكّام، وافتيات على ولاة الأمر الذين هم العلماء، بمحاولة إسقاطهم والتقليل من مكانتهم والوقوع في أعراضهم. فتنشأ في الغالب الأعمّ من هذه الطريق.
فالذي يظهر عليه كراهية للأحاديث التي تتعلق بالولاة، أو يظهر عليه جرأة على العلماء الأكابر، من أئمة أهل السنّة وأهل الفضل، وقيعةً وطعنًا ومحاولةً لإسقاطهم والتقليل من مكانتهم، فهذا في قلبه شيء، وبدأت هذه الفتنة تتسلّلُ إلى قلبه، إذا بدأ يدخل هذا المدخل ويسلك هذا المسلك.
فلا يُغترُّ بصلاة إنسان أو صيامه أو عبادته أو ذكره إذا كان فيه شيءٌ من مسلك الخوارج وطريقتهم التي حذّر منها النبيُّ الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والعبرة إنما هي باستقامة المرء على السنّة، وتعظيمه لها، ورعايته لها، ومعرفته بقدرها، وإعماله للنصوص، وعدم إهمال شيء منها؛ تعظيمًا لله، وتعظيمًا لشرعه، واتباعًا لرسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. اهـ.


ومَن أراد الاستزادة من معرفة مذهب الخوراج وتفاصيله؛ فليستمع إلى هذه الدروس السبعة المباركة للشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله ونفع بعلمه الإسلام والمسلمين.
وهي على الروابط التالية:

008 باب ذم الخوارج وسوء مذاهبهم.. 18-06-1436

009 باب ذكر السنن والآثار فيما ذكرناه 19-06-1436

010 باب ذكر السنن والآثار فيما ذكرناه 20-06-1436

011 باب ذكر السنن والآثار فيما ذكرناه 23-06-1436
012 باب ذكر قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج.. 24-06-1436

013 باب ذكر قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج.. 25-06-1436

014 باب ذكر ثواب من قاتل الخوارج فقتلهم أو قتلوه 26-06-1436