عن أبي إسحاق قال:
"كان
أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يثبت لهم العدوُّ فُواقَ[1]
ناقة عند اللقاء.
فقال
هرقل -وهو على أنطاكية- لما قدمتْ منهزمةً الرُّومُ: ويلكم! أخبروني عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم، أليسوا
بشرًا مثلَكم؟!
قالوا: بلى.
قال: فأنتم أكثر أم هم؟
قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافًا في كل موطن.
قال: فما بالكم تنهزمون؟!
فقال
شيخ من عظمائهم: من أجل
أنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن
المنكر، ويتناصفون بينهم، ومن أجل أنّا نشرب الخمر، ونزنى، ونركب الحرام، وننقض
العهد، ونغصب، ونظلم، ونأمر بالسخط، وننهى عما يرضي الله، ونفسد في الأرض.
أيها المسلمون، أما آن لنا أن نتيقن أن سبيل النصرة إنما هو بالإيمان
والعمل الصالح وإقامة دين الله وليس بالأموال والعُدَد؟!
فبالنا نتخبط اليوم في البحث عن النصر والتمكين، وقد بيّن الله تعالى لنا
ذلك بيانًا شافيًا في القرآن الكريم، حيث يقول:
{وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[3].