الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

التفريق بين العلماء ومَن تشبّه بهم وليس منهم


ذكر شيخُ الإسلام محمد بن عبد الوهّاب –رحمه الله- ستّةَ أصولٍ عظيمة، ووصفها بأنها "أصول بيّنها الله تعالى بيانًا واضحًا للعوامّ، فوق ما يظنّ الظّانّون، ثم بعد هذا غلط فيها كثيرٌ من أذكياء العالم، وعقلاءُ بني آدم إلا أقلَّ القليل"[1].
وذكر من هذه الأصول:
"بيان العلم والعلماء، والفقه والفقهاء، وبيان من تشبه بهم وليس منهم.
وقد بيّن الله هذا الأصل في أول سورة البقرة من قوله: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}[2] إلى قوله: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}[3].
ويزيده وضوحًا ما صرّحت به السنّةُ في هذا الكلام الكثير البيّن الواضح للعاميِّ البليد، ثم صار هذا أغربَ الأشياء، وصار العلمُ والفقهُ هو البدع والضّلالات، وخيارُ ما عندهم لَبْسُ الحقِّ بالباطل، وصار العلمُ الذي فرضه الله تعالى على الخلق ومدحه لا يتفوه به إلا زنديقٌ أو مجنون، وصار مَن أنكره وعاداه، وصنّف في التحذير منه والنهي عنه هو الفقيه العالم"[4].

قال الشيخ محمد بن عثيمين –رحمه الله- في تعليقه على هذا الأصل:
فلا بدّ من معرفة من هم العلماء حقًا، هم الربّانيّون الذين يربّون الناس على شريعة ربّهم، حتى يتميز هؤلاء الربّانيّون عمن تشبه بهم وليس منهم، يتشبه بهم في المظهر والمنظر والمقال والفعال، لكنه ليس منهم في النصيحة للخلق، وإرادة الحقّ، فخيار ما عنده أن يلبّس الحق بالباطل، ويصوغه بعبارات مزخرفة، يحسبه الظمآن ماءً، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، بل هو البدع والضّلالات الذي يظنّه بعض الناس هو العلم والفقه، وأنّ ما سواه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون.
وكأنه يشير إلى أئمة أهل البدع المضلّين، الذين يلمزون أهل السنّة بما هم بريئون منه؛ ليصدّوا الناس عن الأخذ منهم، وهذا إرث الذين طغوا من قبلهم، وكذّبوا الرسل، كما قال الله تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}[5]، قال الله تعالى: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}[6] اهــ[7].




[1] "شرح الأصول الستة" لمحمد بن عثيمين. إعداد فهد بن ناصر السليمان. ط4- دار الثريا: 1426هــ- 2005م. ص141
[2] (البقرة: 40).
[3] (البقرة: 47).
[4] نفس المصدر. ص163
[5] (الذاريات: 52).
[6] (الذاريات: 53).
[7] نفس المصدر. ص167- 168.