الأحد، 12 يوليو 2015

جئنا لِلُقيا الهَوى مِنْ غيرِ ميعادِ

قصيدة "جئنا لِلُقيا الهَوى مِنْ غيرِ ميعادِ"
أ د. عبد الرحمن الشهري
حفظه الله

جئنا لِلُقيا الهَوى مِنْ غيرِ ميعادِ 
والشوقُ يضربُ أكبادًا بأكبادِ
والذكرياتُ رَمَتْ بي في سوانحِها
حتى التقى الشوقُ ميادٌ بِميّادِ
كمْ ليلة ٍبتُّ أَرعى ذكرَها وأَنا
في غُربتي بين آهاتٍ وإنشادِ
أضرمتَ يا شوقُ قلبي مِنْ فِراقهمُ
فاليومَ عيدُكَ موصولٌ بأَعيادِ
هذي النَّماصُ فقلْ ما كنتَ تكتمُه
ولا تَخَفْ لوم َعُذَّالٍ وحُسَّادِ
صُغْ في النماصِ بديعَ القولِ واشدُ بهِ
فكلُّ ثغرٍ بما تشدو بهِ شادِ
ناديتُها وشُجوني لا ضِفافَ لها
يا قصةَ الحُبِّ، يا أُنشودةَ الحادي
يا أَرضَ قَومي رَعاكِ اللهُ مِنْ بَلَدٍ
فما دِمَشقُ ؟ وما أَرباضُ بغدادِ؟
يا دُرةً زُيِّنتْ أَرضُ السَّراةِ بها
ويا سليلةَ أعراقٍ وأمجادِ
يا مَنْ أَقامَ على عَذلي وخالَفَني
أَلا تَرى الحُسنَ فيها رائحًا غادِ
سِرْ في رُباها وطَوِّفْ في معاهِدِها
يجري بكَ الحُسْنُ مِنْ وادٍ إلى وادِ
صوتُ الهزار ِعلى أغصانِ أيكتِها
يغنيكَ عَنْ صوتِ قَيثارٍ وأَعوادِ
ونَفْحَةُ المِسْكِ والكافورِ إِنْ عُدِمَتْ
يغُنيكَ عنها عَبيرُ الشِّيحِ والكادِي
مَنْ لي بنفحةِ شِيْحٍ مِنْ نسائِمِها
تَشفي غَليلَ فُؤادٍ شُوقُه بَادِ
أو نظرةٍ لِمَغانيِها وقد كُسيَت
بُرْدًا من الحُسْنِ مَشفوعًا بِأَبْرادِ
حتى السحابُ إذا حاذى مرابعَها
فالجوُّ ما بين بَرَّاقٍ ورَعَّادِ
قد طاب فيها الجَنى حُلوًا لقاطفهِ
وطابَ فيها الهَوى وِردًا لِمُرتادِ
تَلَفَّعَتْ بضبابٍ خَوفَ حاسدِها
كظبيةٍ تَتَخَفَّى خَوْفَ صيَّادِ
حَلَّتْ قبائلُ حَجرٍ في مرابعِها
كأَنَّها أَجْمَةٌ حُفَّتْ بِآسَادِ
عريقةٌ في مَدى التاريخ نسبتُها
ومجدُها الحُرُّ موصولٌ بأَمجادِ
يلقى بها الضيفُ ما يلقَاهُ مِنْ كرمٍ
يُنسيهِ ذِكْرَ أَخِلاءٍ وأَولادِ
ما جودُ حاتم إِنْ عاينتَ جُودَهُمُ
وما البهاليلُ مِنْ أبناءِ عبَّادِ؟
قبائلٌ آمنتْ بالله خالقِها
تحمي حمى الدين من باغٍ ومن عادِ
قد بايعوه على الإسلامِ مِنْ قِدَمٍ
وقد حَدَا بهمُ نحوَ الهُدى حادِ
أهلُ الشجاعةِ قد سِيْطَتْ دِماؤهمُ
منها وقد ضَرَبَتْ فيهِم بِأَوتادِ
فَقُلْ لِمَنْ يَدَّعي في المجدِ منزلةً
جئني بِأَجدادِ صدقٍ مثلِ أَجدادي