ليس من الرحمة تدليل الأبناء
قال بعضُ العلماء: "إن التربية تختلفُ باختلاف الأزمان والبُلدان، فما لا يصلُح من قومٍ قد يصلُح عند آخرين، وما يحسُنُ في بلدٍ قد لا يحسُنُ في بلدٍ آخر، والعاقلُ من كان عنده لكل مقامٍ مقال، ولكل آنٍ شأن".
وليس من الرحمة ما يصنعُه بعضُ الآباء من تدليل أولادهم، ورفع المسؤولية عنهم، وترك الحبل لهم على الغارِب، يفعلون ما يشاءون، وينشأون كما يُريدون، وإنهم ليُلبِسونهم الذهب والحرير، ويُعدُّون لهم الفراشَ الوثير، ولا يرُدُّون لهم طلبًا، ولا يمنعونهم من شيءٍ وإن كان فقرُهم ظاهرًا، وبُؤسُهم مُشاهَدًا.
فينشأون مُترَفين لا يصبِرون على مكروه، ولا يثبُتون لحادثٍ، ولا يكتَفون بما تيسَّر، ولا يشكُرون على نعمة، إن اغتنَوا كانوا مُسرِفين، وإن افتقَروا كانوا بائسين مساكين. تخُور قواهم، وتضعُفُ عزائِمُهم لأدنَى مُصيبة، وتضيقُ صدورهم، وتفيضُ أعيُنهم بالدمع لو اتَّسَخت ثيابُهم، أو تأخَّر طعامُهم.
وما ذاك إلا نتيجةُ التربية السيئة، وعاقبة الحبِّ الكاذب، والرحمة الزائفة. وخيرُ الأمور أوساطها؛ فالذي لا يرحَمُ أولادَه لا يرحَمُ أحدًا بعدهم أبدًا.
من خطبة الحرم المكي "المسؤولية تجاه الأبناء" لفضيلة الشيخ أسامة خيّاط حفظه الله.
الجمعة 10 – 11- 1435 هــ
|