الاثنين، 28 سبتمبر 2015

اصبروا يا أصحاب الدعوات!

اصبروا يا أصحاب الدعوات!

قال الله تعالى في نبيه يونس عليه السلام: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} (الصافّات: 139 - 148).
يونسُ -عليه السلام- نبيٌ كريمٌ، ثبت في الصحيحين قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لا ينبغي لعبدٍ أن يقول: أنا خيرٌ من يونسَ بن متى" (متفق عليه)، نبيٌ كريم من جملة أنبياءٍ كرامٍ، ذكرهم الله في سورة النساء والأنعام، وقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}(الأنعام: 90). وإنّ الاقتداءَ العظيمَ في هذه القصة هو الهدي الذي قاله الله لنبيه: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} (القلم: 48)، فأصحابُ الدَّعوات، لا بد أن يحتملوا تكالفيها، وأن يصبروا على التكذيب والإيذاء من أجلها، وتكذيبُ الصادقِ الواثقِ مريرٌ على النفس، لكنّها التكاليف! فلا بدَّ لأتباع الرسل أن يصبروا ويحتملوا، ولا بدَّ أن يثابروا ويثبتوا، ولا بدَّ أن يكرّروا الدعوةَ ويُبدِئوا فيها ويعيدوا، ولا يجوز لهم أن ييأسوا من صلاح النفوس، واستجابة القلوب، مهما واجهوا من إنكار وتكذيب، ومن عتوٍّ وجحود. إنه من السهل على المصلحين أن يغضبوا لأن الناس لا يستجيبون، فيهجرون الناس، ولكن هذا لا ينصر الحقَّ، فالمؤمن يكظم غيظه ويمضي، وخير له أن يصبر، والعاقبة للمتقين، {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر: 97- 99).

من خطبتي الجمعة من المسجد الحرام (12- 10- 1435ه)
للشيخ صالح آل طالب حفظه الله.