أهدى طريق للنجاة من الفتن
إنّ مِن عَجَائِبِ الأُمُور، ومِمَا يَحَارُ فِيهِ ذَوو العُقول، أن يُوجّهَ أصحَابُ السِهَامِ المَسمُومَة، والأنفُسِ الضَيقَةِ المَحْمُومَة، أسَلاتِهم المَشْؤومَة إلى دُرّةِ الأوطَانِ، ومَهْبِط الوَحْي ومَأْرِز الإيمَان، بِلادِ الحَرَمَين الشَرِيفَين، بِلادِ التَوحِيد والوِحْدَة، والقُرْآن والسُنَة التِي جَعَلَها الله مَثَابَةً للنَاسِ وأمْنًا وقِبْلَة.
أُمَةَ الإسْلام، وجِمَاعُ الخَيرِ كُلِه، وأَقْوَمُ سَبِيلٍ، وأَهْدَى طَرِيقٍ للنَجَاةِ مِنَ الفِتَنِ الحَوَالِك، والكُرَبِ الهَوالِك -هُو:
- الحَذَرُ مِنَ الفِتَنِ ودُعَاتِها، والفِتْنَةُ أشَدُ مِنَ القَتْل، والفِتْنَةُ أكْبَرُ مِنَ القَتْلِ
- ولُزُومُ الجَمَاعَة وحُسْنُ السَمْعِ للإمَامِ والطَاعَة، وتَرْكُ التَفَرُقِ والتَحَزُب، والطَائِفِيةِ والتَعَصِب، كما قَالَ تَعَالَى: {واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَقَوا} (آل عمران: 103).
روى الإمام مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَيةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبيَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبيَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، لاَ يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلاَ يَفِى بعهد ذي عهد، فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ ".
وفي حديث حذيفة في الفتن قال –صلى الله عليه وسلم- مبينًا سبيل النجاة منها: "تلزم جماعةَ المسلمين وإمامَهم" متفق عليه.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه خطب الناس فقال: "إنّ الذي تكرهون في الجماعة خيرٌ من الذي تحبّون في الفُرْقة".
من خطبة الجمعة يوم 19/10/1435 د.عبدالرحمن السديس
|