الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

التوحيدُ مفزعُ المؤمنِ

التوحيدُ مفزعُ المؤمنِ

عن ابن عبّاس رضي الله عنهما:

"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب:

لا إله إلا الله، العظيمُ الحليم

لا إله إلا الله، ربّ العرش العظيم

لا إله إلا الله، ربّ السماوات وربّ الأرض وربّ العرش الكريم"

متفق عليه.

وفي هذا أبين دلالة على أنّ أعظم علاج للكرب هو تجديدُ الإيمان، وترديد كلمة التوحيد لا إله إلا الله، فإنّه ما زالت عن العبد شدّة، ولا ارتفع عنه همٌّ وكَرْبٌ بمثل توحيد الله وإخلاص الدّين له، وتحقيق العبادة التي خُلق العبدُ لأجلها، وأُوجد لتحقيقها؛ فإن القلب عندما يُعمَر بالتوحيد والإخلاص، ويُشغَل بهذا الأمر العظيم الذي هو أعظمُ الأمور وأجلّها على الإطلاق، تذهب عنه الكُرُبات، وتزولُ عنه الشدائدُ والغموم، ويَسْعد غاية السعادة.
قال ابن القيم رحمه الله:
"التوحيدُ مفزَعُ أعدائه وأوليائه، فأمَّا أعداؤه فيُنجيهم من كُرَب الدنيا وشدائدها: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (العنكبوت: 65)، وأمَّا أولياؤه فيُنجيهم من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها، ولذلك فزع إليه يونس عليه السلام فنجّاه اللهُ من تلك الظلمات، وفزع إليه أتباعُ الرُّسل فنجوا به ممَّا عُذِّب به المشركون في الدنيا وما أُعدَّ لهم في الآخرة، ولمَّا فزع إليه فرعون عند مُعاينة الهلاك وإدراك الغرق لَم ينفعه؛ لأنَّ الإيمانَ عند المعاينة لا يُقبل، هذه سُنَّة الله في عباده، فما دُفعت شدائدُ الدنيا بمثل التوحيد، ولذلك كان دعاءُ الكرب بالتوحيد، ودعوةُ ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلاَّ فَرَّجَ الله كُرَبَه بالتوحيد، فلا يُلقي في الكرب العظام إلاَّ الشِّركُ، ولا ينجي منها إلاَّ التوحيد، فهو مَفزَعُ الخليقة ومَلجَؤُها وحِصنُها وغايتُها، وبالله التوفيق" اهـ.


"فقه الأدعية والأذكار" (3/ 186- 187).

للدكتور عبد الرزاق البدر حفظه الله.